This post was originally published on الإندبندنت عربية
<p>يجلس فلسطينيون نازحون حول النار في خيمتهم بدير البلح، 16 يناير 2025 (أ ف ب)</p>
أحيا اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس” أملاً في تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة حيث يقاسي السكان بؤساً شديداً، غير أن منظمات كثيرة تخشى عراقيل جمة تعوق إيصال هذه الإمدادات الحيوية.
وتنتظر مئات الشاحنات في الجانب المصري للحدود مع القطاع. وشدد وزير الخارجية المصري الخميس على “أهمية أن يؤدي تنفيذ الاتفاق إلى تزايد وتيرة النفاذ والتوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على أوسع نطاق في جميع أنحاء قطاع غزة”.
واعتبر مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر هذه الهدنة بمثابة “لحظة أمل وفرصة”، محذراً في الوقت عينه من ضرورة عدم الاستخفاف بـ”الصعوبات المرتبطة بتقديم المساعدة للناجين”.
في القطاع المكتظ حيث اضطر تقريباً كل السكان المقدرين بـ2.4 مليون نسمة إلى النزوح مرة واحدة على الأقل، يخشى العاملون في المجال الإنساني ألا تكون المساعدات كافية للاستجابة للحاجات.
لا يمكن الاكتفاء بأولوية واحدة
وفي اتصال هاتفي من غزة، قالت أماند بازيرول منسقة “أطباء بلا حدود” إن “كل شيء دمر والأطفال في الشوارع ولا يمكن الاكتفاء بأولوية واحدة”.
وصرح محمد الخطيب معاون مدير العمليات في “جمعية العون الطبي للفلسطينيين” من خان يونس أن “الجميع منهك، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني الذين يعملون بلا توقف في الميدان منذ 15 شهراً واضطروا بدورهم إلى النزوح”.
في الملاجئ البائسة التي أقيمت في المدارس أو المنازل المقصوفة أو المقابر، يفتقر مئات آلاف الأشخاص إلى “غطاء عازل بلاستيكي” للاتقاء من أحوال الطقس، بحسب ما قال غافن كيليهر من “المجلس النروجي للاجئين” في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتعتزم منظمته التركيز خصوصاً على توفير “القماش العازل والأسلاك والمعدات اللازمة لسد الثغرات” في الملاجئ “أقله حتى يتوقف الأطفال عن الموت من شدة البرد”، بحسب ما قال من غزة.
والأسبوع الماضي، قضى ثمانية أشخاص على الأقل، هم أربعة مواليد جدد وثلاثة رضع وبالغ، إثر انخفاض حرارة أجسادهم من شدة البرد في وسط غزة وجنوبها، بحسب منظمة الصحة العالمية التي استندت إلى حصيلة صادرة عن وزارة الصحة التابعة لـ”حماس”.
إعادة فتح معبر رفح
الأربعاء، كشفت قناة “القاهرة الإخبارية” عن جهود تبذل لإعادة فتح معبر رفح مع مصر الذي أغلق في مايو (أيار) بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني منه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأرسلت الإمارات إمدادات طبية لأكثر من 600 ألف شخص وأعلن برنامج الأغذية العالمي الخميس توافر مواد غذائية تكفي لمليون شخص.
وفي الجانب المصري، تنتظر 700 إلى ألف شاحنة عبور الحدود، وفق ما أفاد مصدر في الهلال الأحمر المصري.
لكن العاملين في مجال الإغاثة لا يخفون شكوكهم في تأمين المساعدات في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل.
وأشارت بازيرول إلى أن التعهد بوصول 600 شاحنة في اليوم، وهو عدد أعلى من ذاك الذي كان يدخل القطاع قبل الحرب “ليس قابلاً للتنفيذ على الصعيد التقني”، مع التوضيح “بعدما تعرضت رفح للدمار، لم تعد البنى التحتية قادرة على تحمل هذا المستوى على الصعيد اللوجستي”.
وغالباً ما تتعرض المساعدات الموجهة إلى غزة للنهب من جماعات مسلحة ومدنيين معدمين. وقد استهدف “الإسرائيليون الشرطة، فلم يعد هناك جهة تحمي البضائع”، وفق بازيرول.
معالجة المرضى
وشدد ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن من القدس على ضرورة السماح للطواقم الصحية في غزة بمزاولة مهامها والاستعانة بكوادر إضافية في مجال الرعاية الصحية.
وأشار أيضاً إلى ضرورة “إجلاء 12 ألف مريض في وضع حرج، بحسب تقديراتنا، من خلال إعادة الممر الطبي التقليدي عبر إسرائيل والضفة الغربية، لكن أيضاً عبر مصر والأردن وسواهما”.
والوضع أسوأ في شمال غزة حيث قالت منظمات إنسانية إن إسرائيل رفضت تقريباً كل طلبات الدخول التي تقدمت بها وحيث ما زال نحو 10 آلاف شخص عالقاً.
وتأمل “أطباء بلا حدود” بأن يتسنى لطواقهما الدخول “لمعالجة المرضى أقله في مواقع وجودهم”، بحسب بازيرول.
ولم يعد سوى مستشفى واحد في شمال غزة يعمل جزئياً هو مستشفى العودة الذي استهدف مرات عدة، وفق منظمة الصحة العالمية.
العودة إلى الديار
لكن مئات آلاف النازحين من الشمال يأملون بغالبيتهم العظمى بالعودة إلى ديارهم، ومن بينهم محمد الخطيب الذي يتوقع “حركة سكانية كثيفة”، إذا ما صمدت الهدنة.
ولا شك في أن كثيرين “سيجدون أن أحياءهم دمرت بالكامل”، من دون أي خدمة أساسية متبقية لمياه الشرب أو المأكل أو المسكن.
وقال الخطيب “نعرف أن المعاناة متواصلة، فنحن نغلق فصلاً من المعاناة ونفتح آخر، لكن على الأقل هناك أمل بتوقف إراقة الدماء”.