تونس تضاعف جهودها من أجل محاربة عصابات المخدرات

This post was originally published on الإندبندنت عربية

<p class="rteright">نسبة الموقوفين في قضايا المخدرات تشكل نحو ثلث إجمالي عدد السجناء في تونس (اندبندنت عربية)</p>

الإطاحة بمغني راب مشهور في تونس بتهمة ترويج المخدرات والمطاردات المستمرة لهؤلاء جعلت محاربة هذه الظاهرة من أولويات العمل الأمني بأمر من أعلى هرم في السلطة، إذ إن السلطات الأمنية أعلنت قبل أيام توقيف مغني الراب سامح الرياحي الذي يعرف باسم “سمارا” أثناء حملة ضد عصابات متورطة في ترويجها.

وقالت الإدارة العامة للحرس الوطني إن أجهزة الاستعلامات نجحت في أيام بالإطاحة بالمغني بعد تفكيك شبكة في حي ابن خلدون غرب العاصمة.

وبحسب متابعين، وضع الرئيس التونسي قيس سعيد محاربة هذه الظواهر في مقدمة أولويات عهدته الرئاسية الجديدة، مما ينعكس في لقاءاته التي بدأها مع وزير الداخلية خالد النوري، ليؤكد “ضرورة تكثيف العمل لتأمين المواطنين في كل مكان وفي كل وقت، إلى جانب مضاعفة الجهود مع الجهات الأخرى كافة داخل الدولة لتفكيك الشبكات الإجرامية، بخاصة منها تلك التي تتاجر بالمخدرات وبما يُسمّى ’مسالك التوزيع‘”.

وعرفت تونس خلال الأعوام الأخيرة انتشاراً واسعاً للمخدرات في مختلف الأوساط الاجتماعية وبين كل الفئات العمرية، ويبدو أن آثارها أصبحت مقلقة على المجتمع لارتباطها بانتشار الجريمة بكل أنواعها، وتُعدّ محاربة هذه الآفة من أبرز التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد في المرحلة المقبلة حيث تعمل مؤسسات الدولة ووحداتها الأمنية على القضاء عليها من خلال تكثيف الحملات الأمنية.

تفكيك الشبكات الإجرامية

وقال المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي في تصريح إلى “اندبندنت عربية” هناك “شبكات دولية تنشط في مجال ترويج المخدرات وتعمل على إدخالها إلى تونس، لكن الوحدات الأمنية والوحدات المختصة في المجال الاستعلامي قلصت من خطورة هذه العصابات بفضل عملها المستمر في تعقبها”.

وأكد أنه “خلال عام 2024 اعتُقل ما يقارب 5 آلاف مروج للمخدرات في تونس، مقابل 3165 عام 2023″، لافتاً إلى أن نسبة الموقوفين في قضايا المخدرات تشكل نحو ثلث إجمالي عدد السجناء.

وأشار إلى “كشف الوحدات المرورية والأمن العمومي عن كميات من المخدرات بمختلف أنواعها، سواء الكوكايين أو القنب الهندي في عدد من السيارات التي كانت على متنها نساء أو أطفال لاستبعاد الشبهات عنهم”.

وبخصوص ترويج المخدرات أمام المؤسسات التربوية، صرح الجبابلي بأن كميات كبيرة من المخدرات تروج في محيط المؤسسات التربوية صودرت أخيراً، وذكر في هذا الصدد أن “1816 صفيحة قنب هندي ضبطت فضلاً عن كثير من الأقراص المخدرة، كانت ستروج في محيط المدارس”.

وأكد “أهمية جلسات التوعية في وسائل الإعلام وكذلك دور الأسرة والفنانين في تعزيز الوعي بأخطار تعاطي المخدرات، ومعاضدة جهود الوحدات الأمنية في التصدي لهذه الآفة التي تهدد المجتمع”.

دوامة لا نهاية لها

أما من جانب اجتماعي، فتقول الباحثة في علم الاجتماع صابرين الجلاصي إن “ترويج المخدرات جريمة في حق المجتمع وفي حق الفرد واستهلاكها حال من اللامعيارية في علم الاجتماع بمعنى الخروج عما هو قيمي وأخلاقي والدخول في دوامة لا نهاية لها من السلوكيات غير الأخلاقية”، مضيفة في تصريح خاص أن “المخدرات لها آثار أخرى أعمق وأشمل من استهلاكها وهي انتشار الجريمة بكل أنواعها وانتشار العنف في كل الأوساط بداية من العائلة والمدرسة وصولاً إلى الشارع”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والأخطر اليوم بحسب الجلاصي أن “المخدرات انتشرت بين كل الفئات العمرية، بخاصة الناشئة بعد انتشار هذه الآفة في المدارس، بالتالي يوجد استهداف لهذه الفئة بالذات التي تعتبر نواة المجتمع ومستقبله”، وتابعت “أصبحنا اليوم نعيش حالاً مرضية في المجتمع التونسي بانتشار المخدرات ومن ورائها انتشار الجريمة وحتى معدلات الانتحار والعلاقات غير القانونية بسبب تعاطي المخدر، لا سيما الأنواع الخطرة التي يفقد مستهلكها تماماً السيطرة على أفعاله”.

وفي سياق متصل، تقول “صحيح أن التعامل الأمني مهم وضروري للكشف عن شبكات الترويج والتجار الكبار، لكن تربوياً وثقافياً ولإيقاف هذا النزيف يجب الانطلاق من فئة المراهقين وحتى الأطفال لمزيد من الإحاطة بهم نفسياً وأخلاقياً”.

وبخصوص تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات وترويجها ضمن الأوساط الفنية في تونس التي ظهرت إلى الواجهة بعد توقيف مغني راب معروف، تقول الجلاصي “للأسف نعيش اليوم عدم فهم لمعنى حرية التعبير، أغاني الراب التي تروج للاستهلاك وتعبر بكلام بذيء، أسهمت بطريقة أو بأخرى في تدني القيم وكسر حاجز الانضباط الاجتماعي والأخلاقي، وأيضاً بعض المسلسلات التي تحاكي الواقع والتي تشجع بصورة أو بأخرى على انتشار الفساد”، معربة عن اعتقادها بأن النموذج القيمي لم يعُد موجوداً في الأعمال الفنية، بخاصة في الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي عموماً، ودعت إلى تكثيف المراقبة والتشجيع على حماية القيم الاجتماعية من خلال تعديل هذه الصورة في الإعلام واستبدالها بصورة تشجع على السلوكيات الحميدة وتوجيهها خصوصاً لفئة المراهقين والأطفال.

subtitle: 
هناك شبكات دولية تنشط في مجال ترويج هذه المواد وتعمل على إدخالها إلى البلاد
publication date: 
الأربعاء, فبراير 5, 2025 – 18:15