غزة بلا غذاء ولا وقود ولا دواء منذ 11 يوما

This post was originally published on الإندبندنت عربية

<p class="rteright">اختفت السلع التموينية والمواد الغذائية من أسواق غزة بعد 11 يوماً من الحصار (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)</p>

تمشي ريم علي متكئة على عكازها بظهرها المنحني للأمام تزاحم مئات الأشخاص الذين يتجمهرون بصورة عشوائية أمام مخبز في مدينة خان يونس جنوب غزة، وتنادي بأعلى صوتها “أريد ربطة خبز” لكن لا أحد يسمعها، الجميع يحاول الحصول على رغيف الإفطار.

تقر ريم بأن أزمة مجاعة جديدة بدأت تنهش بطون الغزيين، تلوح بيديها المجعدتين وتقول “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرض الجوع عندما أغلق المعبر، لقد أشهر سلاح التجويع أمامنا منذ 18 شهراً”.

بعينيها الغائرتين تروي الجدة ريم قصة المجاعة التي امتدت لأشهر ونجت منها، وتراقب بنظرها الضعيف مشهد تزاحم الجائعين، وتضيف “عندما كان المعبر مفتوحاً ويتدفق منه الغذاء، لم نشهد تجمعات وطوابير أمام الأفران، كانت هناك بدائل مختلفة للغذاء.

إغلاق المخبز

من شباك صغير يسلم منه العامل ربطات الخبز للناس، أخرج جسده وأطل برأسه ليبلغ الجائعين أنهم لن يحصلوا على رغيف الإفطار، وقال بصوت عال “نفد الغاز، للأسف سنضطر لإغلاق المخبز”، وبسرعة أقفل النافذة.

بفم مليء بالقهر والغضب صرخت الجدة ريم “كيف سأطعم عائلتي اليوم” تفوهت السيدة بهذه العبارة وأدارت ظهرها مغادرة إلى البيت مطأطأة الرأس تفكر في الإفطار وعواقب إغلاق المخابز أبوابها في وجه الصائمين الجائعين.

خلال الأيام الثلاثة الماضية، أغلقت ستة مخابز أبوابها أمام سكان غزة، وعجزت عن العمل بعد قرار إسرائيل فرض حصار كامل على غزة وإغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات أو الإمدادات إلى القطاع منذ الثاني من مارس (آذار) الجاري.

يقول رئيس جمعية أصحاب المخابز في غزة عبد الناصر العجرمي “لا يزال 22 مخبزاً قادراً على العمل، لكن هذه الأفران قد تغلق أبوابها بعد أسبوع، إذا نفد الوقود أو الطحين، ويمكن أن يحدث هذا السيناريو المرعب، ما لم تعد إسرائيل فتح المعبر”.

في الأول من مارس، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين “حماس” وإسرائيل، ومباشرة طرحت تل أبيب إمكانية تمديد الهدنة، لكن “حماس” رفضت ذلك، ورداً على هذا الرفض قرر نتنياهو إغلاق المعابر الحدودية مع غزة ومنع إدخال المساعدات أو الإمدادات بما فيها الوقود والبضائع التجارية.

لليوم الـ11 على التوالي تغلق إسرائيل معبر كرم أبو سالم التجاري الذي يشكل الرافد الأساسي للسلع والمواد التموينية والمساعدات الإنسانية، وهذا الحصار التام خلق أزمة حقيقية بخاصة أنه تزامن مع شهر رمضان الذي ترتفع فيه وتيرة الطلب على السلع والمواد الغذائية.

فقد أحكم هذا الحصار الخناق على الغزيين، إذ نفد الغذاء وارتفعت أسعار ما تبقى من سلع ثلاثة أضعاف، ونفد الوقود، وشخصت مجموعة التغذية التابعة للأمم المتحدة أكثر من ثلاثة آلاف حالة طفل وإمرأة حامل ومرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد وجرت إحالتهم للعلاج.

يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف “الأمن الغذائي لنحو 2.4 مليون نسمة مهدد في ظل إغلاق معابر قطاع غزة للأسبوع الثاني على التوالي، وعدم إدخال مواد إغاثية وغذائية، شبح المجاعة بدأت معالمه تظهر بشكل واضح في ظل عدم إدخال المواد التموينية”.

تتحجج إسرائيل بعد قرارها إيقاف الطعام والمساعدات الإنسانية عن غزة، بأنها سمحت بتدفق آلاف الأطنان من الغذاء للقطاع خلال فترة الهدنة، لكن معروف ينكر ذلك، ويشرح “إجمالي ما دخل إلى القطاع خلال المرحلة الأولى 161 ألفاً و820 طناً، وهذا الرقم يشمل المساعدات والسلل التموينية والطرود الغذائية والسلع المختلفة”.

ويضيف “نصيب الفرد الواحد من هذه السلع الغذائية لا يزيد على 60 كيلوغراماً في 42 يوماً، هذا يعني أن السلع المتوافرة في غزة لا تكفي لحاجة 2.4 مليون إنسان، إلا لخمسة أيام مقبلة فقط”، لافتاً إلى أن دخول المواد التموينية والغذائية كان موجهاً للمؤسسات.

بصعوبة وصلت الجدة ريم التي لم تحصل على ربطة خبز إلى أنقاض بيتها، ذرفت دموعها، وأخذت تلخص الظروف التي تعيشها غزة في هذه الأيام “دعني أخبرك شيئاً، في الصباح ذهبت لتعبئة غالونات مياه، وللأسف كانت المحطة متوقفة، درجت أقدامي حتى محطة التحلية لأشتري مياهاً عذبة” تصمت الجدة وتضحك وتكمل “صدقني متوقفة عن العمل ولا مياه للشرب”.

تكمل حديثها “في السوق معظم البضائع غير متوافرة، وما هو معروض سعره ثلاثة أضعاف، أمس قررت الذهاب لأحصل على حصتي من الطعام الذي تطبخه تكية خيرية، لكني وجدتها أطفأت مواقدها”.

رصد الإعلام الحكومي تداعيات منع إمداد غزة بالغذاء وإغلاق المعابر أمام السكان، لافتاً إلى أن ذلك تسبب بشح كبير في مياه الاستخدام المنزلي ومياه الشرب، وذلك نتيجة منع إدخال الوقود الذي يشغل الآبار ومحطات التحلية، كذلك بدأ السكان يلحظون نفاد السلع التموينية والمواد الغذائية الأساسية من الأسواق والمحال التجارية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبسبب عدم توافر المواد التموينية توقفت غالبية التكيات الخيرية عن العمل، واضطر آلاف الأسر لاستخدام الحطب بدلاً من غاز الطهي. أما على الصعيد البيئي فقد شهدت الطرقات      تراكم أكوام النفايات مع عدم قدرة البلديات على رفعها لتوقف إمدادات الوقود.

وقد توقف إمداد النازحين بالخيام كمأوى مؤقت، وعدم القدرة على إنشاء مخيمات إيواء جديدة لعدم توافر الحاجات، أما صحياً تضافعت معاناة المرضى المزمنين والجرحى الذين لا يجدون الدواء أو المستهلكات الطبية لمداواة جروحهم.

توقف عمل ستة مخابز

يقول المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ثمين الخيطان “على الجميع عدم السماح بانتشار الجوع مرة أخرى في غزة، الكثير مما وصل خلال الأسابيع القليلة الماضية تم توزيعه بالفعل، والآن بدأنا نشهد زيادات في الأسعار”.

ويضيف “تعليق المساعدات سيضيف ضغوطاً كبيرة على السكان الذين ما زالوا يعانون من نقص في السلع الأساسية، وأي عراقيل أخرى أمام وصول الغذاء والمياه النظيفة ربما تكون لها عواقب مدمرة، منها عودة الجوع”.

من جانب إسرائيل، يقول متحدث الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر “لدى ‘حماس‘ ما يكفي من الغذاء لانتشار وباء السمنة، على مدى أشهر وأشهر كدست ‘حماس‘ مؤناً كافية، جاء قرار إغلاق المعابر وفرض حصار على القطاع من أجل إجبار الحركة على إطلاق سراح الرهائن”.

subtitle: 
تؤكد إسرائيل أن لدى "حماس" طعاماً يسمح بانتشار السمنة في القطاع
publication date: 
الأربعاء, مارس 12, 2025 – 15:15