مآلات الشرق الأوسط في ظل التصعيد المتسارع

This post was originally published on الإندبندنت عربية

<p>آثار القصف الإسرائيلي على غزة&nbsp;&nbsp; (أ ف ب)</p>

كتبت هذه المقالة عبر “تشات جي بي تي” وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب أسلوب “اندبندنت عربية”

تشهد منطقة الشرق الأوسط خلال الآونة الأخيرة حالة من التصعيد المتسارع والعنف المتزايد، مع اشتعال الحرب في غزة والصراع الجاري في لبنان، مما يعيد تسليط الضوء على تعقيدات النزاع الإقليمي والتوازنات الجيوسياسية المتغيرة.

هذه الأزمات تعكس ليس فقط توترات سياسية، بل أيضاً تفاعلات دينية وطائفية واقتصادية تلقي بظلالها على مستقبل المنطقة. في هذا السياق، هناك العديد من السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تتشكل في الشرق الأوسط، بعضها قد يقود إلى تغييرات جذرية في الخريطة السياسية.

وتعد التوترات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة جزءاً من النزاع المستمر منذ عقود، والذي شهد تصعيداً حاداً من خلال هجمات “حماس” في الـ 7 من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، هذا التصعيد قوبل بردود فعل عسكرية قوية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة وتزايد الضغوط الدولية لوقف العنف.

أما في لبنان، فالوضع يختلف قليلاً، حيث إن الصراع هناك يتداخل مع عوامل طائفية وسياسية داخلية متشابكة مع التأثيرات الخارجية. “حزب الله”، كأحد الفاعلين الرئيسيين في المشهد اللبناني والإقليمي، يجد نفسه متورطاً في معادلة معقدة تشمل دعم “المقاومة الفلسطينية” من جهة، والتعامل مع الضغوط الداخلية في لبنان من أخرى، والتي تتفاقم نتيجة للأزمة الاقتصادية الخانقة والانقسامات السياسية، والآن يخوض حرباً مع إسرائيل بعد أن فقد رموزه القيادية وتفككت مصادر قوته.

من المتوقع أن تؤدي هذه الصراعات إلى مزيد من الاستقطاب بين المحاور الإقليمية. من جهة، هناك المحور الذي تقوده إيران ويضم فصائل مثل “حزب الله” وحركة “حماس” والحوثيين في اليمن، وهو محور يسعى إلى توسيع نفوذه وتعزيز مقاومته لإسرائيل. ومن جهة أخرى، هناك الدول العربية المتحالفة مع الغرب، والتي ترى في هذه الفصائل تهديداً لأمنها القومي. هذه الانقسامات قد تؤدي إلى تعزيز التحالفات العسكرية، وربما تدفع بعض الدول إلى زيادة التعاون الأمني مع إسرائيل، كجزء من مساعي تحقيق الاستقرار الداخلي.

يطرح البعض فكرة أن هذه الصراعات المتكررة قد تؤدي إلى تغييرات جغرافية أو سياسية جديدة. فمثلاً، قد تدفع الأوضاع في لبنان إلى إعادة النظر في ترتيبات الطائفية أو حتى تقسيم البلاد على أسس مذهبية. وفي العراق وسوريا، حيث لا تزال الأوضاع غير مستقرة، يمكن أن تبرز مطالبات بإنشاء كيانات ذات حكم ذاتي أو شبه مستقل لبعض المجموعات العرقية أو الطائفية.

في فلسطين، يزداد الحديث عن احتمال إضعاف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لمصلحة بروز قوى محلية أو جهوية تسعى لإدارة شؤونها بعيداً من التأثير الإسرائيلي المباشر.

على الجانب الآخر، يمكن أن تحاول إسرائيل استغلال الوضع لتعزيز سيطرتها على المزيد من الأراضي بالضفة الغربية، مما يزيد من تعقيد إمكانية الوصول إلى حل الدولتين، يضاف إلى ذلك المستقبل الغامض بالفعل لقطاع غزة في ظل عدم وضوح الخطوة التالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ظل ذلك تلعب التدخلات الدولية دوراً رئيسياً في تشكيل مستقبل المنطقة. ففي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة الحفاظ على نفوذها في المنطقة من خلال دعم إسرائيل وحلفائها، تسعى روسيا والصين لتعزيز مواقعهم عبر تقديم الدعم لبعض الدول المعارضة للسياسة الأميركية، مما يخلق تنافساً جديداً بين القوى العظمى. هذا التنافس الدولي قد يترجم إلى صراعات بالوكالة في ساحات مختلفة، منها سوريا واليمن.

أيضاً لا يمكن إغفال تأثير اللاعبين غير الحكوميين، مثل الجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية، على مستقبل المنطقة. هذه الجماعات تستفيد من الفوضى لتوسيع نطاق عملياتها وجذب المزيد من المقاتلين، مما يزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار. كما أن دور الفصائل المسلحة في لبنان وغزة يعكس أهمية القوى غير التقليدية في تشكيل ملامح النزاع الإقليمي.

في حال استمرار التصعيد العسكري وتوسعه ليشمل دولاً أخرى، فقد يتطور النزاع إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، تشمل سوريا والعراق وإيران. هذا السيناريو الكارثي يمكن أن يؤدي إلى إعادة ترسيم الحدود بشكل غير طوعي، نتيجة لتغيرات في السيطرة العسكرية. كما يمكن أن يؤدي إلى إعادة توزيع السكان على أسس طائفية أو عرقية.

كذلك فإن الصراع الإسرائيلي- الإيراني يعد أحد المحاور المركزية في التوترات الجارية في الشرق الأوسط، إذ يتميز بتداخل معقد بين الأبعاد الأمنية، الإقليمية، والسياسية. إيران، من خلال دعمها لحلفائها في المنطقة مثل “حزب الله” في لبنان وحركة “حماس” في فلسطين، تتبنى نهجاً معادياً لإسرائيل وترى في المقاومة أداة لتوسيع نفوذها الإقليمي والضغط على خصومها.

وفي المقابل، تعد إسرائيل إيران التهديد الأكبر على أمنها القومي، بخاصة في ظل مساعي إيران لتطوير قدراتها النووية وتعزيز وجودها العسكري في سوريا ولبنان.

هناك سيناريو أكثر تفاؤلاً يتمثل في نجاح الضغوط الدولية في وقف التصعيد والعودة إلى طاولة المفاوضات. هذا يتطلب دوراً فعالاً للأمم المتحدة والدول الكبرى للتوصل إلى حلول سياسية للصراعات القائمة، وقد يتضمن ذلك مبادرات لإعادة إعمار غزة وإصلاح النظام السياسي في لبنان. في حال تحقق هذا السيناريو، يمكن أن تبرز فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي والتنمية الاقتصادية كوسيلة لتخفيف التوترات.

قد يكون الأكثر واقعية هو استمرار الوضع الراهن، حيث يتم التعايش مع أزمات متكررة من دون الوصول إلى حل جذري. في هذا السيناريو، ستستمر النزاعات على شكل جولات من العنف المتقطعة، مع استغلال القوى الإقليمية للوضع لتعزيز نفوذها، فيما يعاني السكان المدنيون من تبعات الفقر والتهجير.

أخيراً فإن مستقبل الشرق الأوسط في ظل الحروب الحالية يحمل العديد من المآلات المحتملة، إلا أن معظم المؤشرات تدل على أن المنطقة ستظل تعاني عدم الاستقرار في المستقبل القريب. سواء أدت هذه الصراعات إلى تغييرات جغرافية وسياسية أم بقيت على شكل جولات عنف متكررة، فإن الأمر الواضح هو أن الشرق الأوسط سيظل ساحة لتنافس القوى العظمى والإقليمية، مما يجعل من الصعب تحقيق استقرار دائم من دون تدخلات جذرية على الصعيد السياسي والاقتصادي.

subtitle: 
هناك العديد من السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تتشكل بعضها قد يقود إلى تغييرات جذرية بالخريطة السياسية
publication date: 
الثلاثاء, أكتوبر 15, 2024 – 22:00