هل يحقق ترمب أهدافه بعد إعلان حال الطوارئ في الطاقة؟

This post was originally published on الإندبندنت عربية

<p class="rteright">أعلن ترمب حال الطوارئ في مجال الطاقة مع أن الأسعار معتدلة نسبياً ولا يوجد أي نقص في الإمدادات (أ ف ب)</p>

أعلن ترمب خلال حفل تنصيبه يوم أمس حال الطوارئ في مجال الطاقة ووقف الإعانات للسيارات الكهربائية، وكلاهما يؤثران في أسواق النفط والغاز بصورة كبيرة، والملاحظ أنه تجاهل موضوع التعرفة الجمركية التي هدد بها كثيراً من دول العالم، بما في ذلك تعرفة جمركية قدرها 25 في المئة على الواردات من كندا، ففرضُ أي ضرائب على البضائع الكندية يعني أحد أمرين، أن تشمل الضرائب النفط وهذا يعني ارتفاع كلفة 60 في المئة من إجمال واردات النفط الأميركية، وحتى لو لم تشمل الضرائب النفط فقد هددت الحكومة الكندية بأنها ستوقف إمدادات الطاقة التي تشمل النفط والغاز والكهرباء إلى الولايات المتحدة.

كما تحدث ترمب عن ضرورة إعادة السيطرة على “قناة بنما”، ومن الواضح أن السبب هو صادرات النفط والغاز الأميركيين إلى آسيا، فكُلف المرور حالياً عالية جداً مما يجبر السفن الأميركية على الدوران حول أفريقيا.

وكانت أسعار النفط انخفضت أمس بعد إعلان الحوثيين توقفهم عن ضرب السفن وحاملات النفط التي تنقل البضائع والنفط من وإلى الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن الأسعار خفضت خسائرها بعد خطاب ترمب، ربما بانتظار القرارات الرئاسية المتعلقة بالعقوبات على إيران وفنزويلا وروسيا.

إعلان حال الطوارئ

أعلن ترمب حال الطوارئ في مجال الطاقة مع أن الأسعار معتدلة نسبياً ولا يوجد أي نقص في الإمدادات، مما يناقض حقيقة أن إنتاج النفط والغاز والغاز المسال هو الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة، كما يناقض ما جرى عليه العرف ويناقض تعريف وزارة الطاقة الأميركية والتي تعرّف حال الطوارئ بأنها حال من نقص الإمدادات وارتفاع كبير في الأسعار، فلماذا أعلن ترمب حال الطوارئ؟

الجواب ليمكنه من تحقيق كثير من الأهداف من دون اللجوء للكونغرس، كما يمكنه من إجبار القطاع الخاص على تبني سياسات معينة، ومن الواضح أن قرار الطوارئ هدفه التغلب على كل ما جاء في “قانون خفض التضخم” الذي جرى تبنيه في عهد بادين، والذي صوت له الديمقراطيون في مجلس الشيوخ ولم يصوت له أي سيناتور جمهوري، والحقيقة أن اسم هذا القانون مضلل لأنه لا علاقة له بالتضخم، وإنما هو عبارة عن كم هائل من سياسات التغير المناخي.

وفي ظل قانون الطوارئ يمكن لترمب أن يوقف كل الإعانات التي كانت إدارة بايدن تقدمها للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية والشواحن، كما يمكنه من رفع الحظر عن أية منطقة من الأراضي والمياه الفدرالية التي حظر فيها التنقيب عن النفط سابقاً، ويبدو أنه في ظل حال الطوارئ يمكن للرئيس أن يلغي قرارات الولايات المتعلقة بالطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية، وبهذا يمكنه أن يلغي قرار ولاية كاليفورنيا بوقف بيع سيارات البنزين والديزل بحلول عام 2035.

السيارات الكهربائية

أعلن ترمب في خطابه وقف دعم السيارات الكهربائية، وهذا يمثل ضربة لشركتي “جي إم” و”فورد” وكل شركات السيارات الأجنبية التي تنتج في الولايات المتحدة وتحولت للتركيز على السيارات الكهربائية، إذ يأتي هذا القرار لمصلحة مستشار وصديق ترمب ومالك شركة “تيسلا” إيلون ماسك، لأن “تيسلا” لا تحصل على الإعانات التي تحصل عليها شركتا “جي إم” و”فورد”، كما أن فرض تعرفة جمركية عالية على السيارات الكهربائية المستوردة يعني انخفاض الطلب على السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة وخلو الأسواق الأميركية من أي منافس لـ “تيسلا”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الممكن وغير الممكن

ستؤدي سياسات ترمب الجديدة في ظل قانون الطوارئ إلى زيادة الطلب على النفط والغاز، ولكن ليس من الواضح إذا ما كان هناك إمكان لزيادة الإنتاج كما يتوقع هو ومستشاروه، ففتح مزيد من الأراضي والمياه الفدرالية للتنقيب لا يعني أن الشركات ستقوم بزيادة الإنتاج إلا إذا جرى تقديم إعانات ضخمة لخفض الكُلف، وذكر بعضهم أنه يمكنه ملء مخزون النفط الإستراتيجي ولكن هذا غير ممكن من دون تمويل من الكونغرس.

ويبدو أنه يمكن اللجوء إلى ما كان عليه الأمر في عهد جورج بوش الابن، وهو أن تقوم الشركات بدفع الريع عن التنقيب في المياه الفدرالية عيناً بدلاً من نقداً ليودعوا النفط في المخزون الإستراتيجي، ولكن لا يتوقع أن يقوم ترمب بذلك في ظل الأسعار الحالية لأنها في نظره مرتفعة.

وترمب لا يستطيع زيادة إنتاج النفط الأميركي بكميات كبيرة لأسباب ذكرت في مقالات سابقة، أهمها ارتفاع أسعار الفائدة وتغير هيكل صناعة النفط الصخري حين انتقلت السيطرة من الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الشركات الكبيرة، كما أن أمامه مشكلة أكبر وهي أن تشديد العقوبات على إيران وفنزويلا في ظل العقوبات التي فرضها الرئيس بايدن أخيراً على روسيا يعني ارتفاع أسعار النفط، وهو يريد أسعار نفط منخفضة، ويتوقع أن يطلب ترمب من بعض دول “أوبك” زيادة الإنتاج والصادرات للتعويض عن انخفاض صادرات إيران مع تشديد العقوبات، لكن هناك إشارات إلى أن دول الخليج لن تقوم بذلك في ظل نجاحها في تحقيق التوازن في السوق، ولا تريد أية خلخلة في هذا التوزان، كما أنها لا تريد أن تكرر تجربة الربع الرابع من عام 2018 عندما طلب منها ترمب زيادة الإنتاج للتعويض عن نقص صادرات إيران بعد فرض العقوبات عليها، وعندها انخفضت الأسعار 30 في المئة لأن ترمب خدعها بإعطاء زبائن إيران استثناءات لشراء النفط الإيراني، ومن ثم لم تنخفض صادرات إيران وقتها.

والذي يمكن لترمب أن يفعله في ظل حال الطوارئ سيغير موازين الطاقة في المستقبل لأنه ضرب السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مقتل، ويبدو أنه سيبدأ بنقل الأفكار نفسها إلى الدول الأوروبية، ومن ثم فإن تأثيرها سيظهر في أسواق النفط والغاز والفحم، وسينخفض معروض الطاقة من الطاقة الشمسية والرياح مستقبلاً عما هو متوقع اليوم.

هناك أمور كثيرة ستتضح خلال الأيام المقبلة ومنها موقف إدارة ترمب من وكالة الطاقة الدولية، إذ يتوقع أن يضغط عليها لتغيير مسارها والتركيز على أمن الطاقة في الدول الأعضاء بدلاً من التركيز على سياسات التغير المناخي.

وباختصار فإن إعلان ترمب حال الطوارئ يعني إعلان الحرب على سياسات التغير المناخي ودعم صناعات النفط والغاز والفحم، كما يعني أن نهاية هذه الحرب ستكون في المحاكم الأميركية وربما المحكمة العليا.

subtitle: 
سيمكنه من تحقيق كثير من الأهداف من دون اللجوء إلى الكونغرس مع إجبار القطاع الخاص على تبني سياسات معينة
publication date: 
الاثنين, يناير 20, 2025 – 23:30